حادثه شق الصدر
قالت حليمة رضي الله عنها: فبينما هو يلعب خلف البيوت هو وأخوه في بُهم له (صغار الضأن والماعز) إذ أتى أخوه يشتد فقال أن أخى القرشي أتاه رجلان عليهما ثياب بيض فأخذاه وأضجعاه فشقا بطنه. فخرجت أنا وأبوه يشتد فوجدناه قائما قد إنتقع لونه (تغير لونه) فلما رآنا أجهش إلينا وبكي قالت فالتزمته أنا وأبوه فضممناه إلينا فقلنا مالك بأبي أنت؟ فقال أتانى رجلان وأضجعانى فشقا بطني وصنعا به شيئا ثم رداه كما هو فقال أبوه: والله ما أرى إبني وقد أصيب (لم انتظر حتى أري أبنى مصابا) إلحقي بأهله فرديه إليهم قبل أن يظهر له ما نتخوف منه. قالت: فاحتملناه فقدمنا به على أمه فلما رأتنا أنكرت شأننا وقالت: ما رجعكما به – وتلخيصا للقول: قالت: أن لكما شأنا فأخبراني ما هو فلم تدعنا حتى أخبرناها فقالت: كلا والله لا يصنع الله ذلك به أن لابني شأنا أفلا أخبركما خبره إني حملت به فوالله ما حملت حملا قط كان أخف علي منه ولا أيسر منه ثم رأيت حين حملته خرج منى نور أضاء منه أعناق الإبل ببُصريَ – أو قالت قصور بُصري – ثم وضعته فوالله ما وقع كما يقع الصبيان لقد وقع معتمدا بيديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فدعاه عنكما فَقبضتُه وانطلقنا.
وعن عُتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه "أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال: "كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بُهم لنا ولم نأخذ معنا زاد (البُهم صغار الضأن والماعز). فقلت: يا أخي اذهب فأتنا زاد من عند أمنا.
فانطلق أخي ومكثت عند البُهم فأقبل طيران أبيضان كأنهما نسران (أى ملكان من الملائكة) فقال أحدهما لصاحبه أهو هو؟ قال: نعم فأقبلا يبتدراني فأخذانى فبطحاني إلى القفا (اى أضجعاه على ظهره) فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال أحدهما لصاحبه إئتني بماء ثلج فغسلا به جوفي ثم قال: إئتني بماء برد فغسلا به قلبي ثم قال ائتني بالسَكينة (أي الطمأنينة والوقار) فذراها في قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه: خِطةُ فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة فقال أحدهم لصاحبه: إجعله في كَفه واجعل ألفا من أُمته في كفه فإذا أنا انظر إلى الألف فوقى أشفق أن يخر على (أي يسقط) بعضهم فقال لو أن أمته وُزنت به لمال بهم ثم انطلقا وتركاني.
وفرقت فرقا شديدا (أي خفت) ثم انطلقت إلى أمي (حليمة) فأخبرتها بالذي لقيته فأشفقت علي أن يكون اُلبس بي (أي مسني شيء من الشيطان) قالت: أعيذك بالله فرحلت بعيرا لها فجعلتني أو فحملتني على الرحل وركبت خلفي حتى بلغنا إلي أمي فقالت: أديت أمانتي وذمتي وحدثتها بالذي لقيت فلم يرعها ذلك فقالت لي: رأيت خرج مني نورا أضاءت منه قصور الشام.